نصائح و إرشادات في تربية الأبناء بطرق سليمة

يجب خلق علاقة صداقة مع الأبناء

هل هناك وصفة سحرية يرغب الآباء و الأمهات اعتمادها لتربية أبنائهم، بطرق صحيحة و سليمة؟ و هل يفكر الآباء و الأمهات في نوع العلاقة الواجب ربطها بأبنائهم الصغار؟ و هل يمتلك غالبية الأزواج آليات تربوية و نفسية لتحقيق علاقة متوازنة بينهم و بين الأبناء؟

الإجابة عن هذه التساؤلات قطعا ستكون "لا" و هنا مكمن الداء. كثيرون إذا لم نقل غالبية الأزواج ، قبل إتمام الزواج يفكرون في كل شيء و في ابسط تفاصيله؛ تكاليف العرس، المدعوون، شهر العسل، تجهيزات البيت و غير ذلك من متطلبات الحياة الزوجية، الوحيد الغائب عن خطط و تدبير الأزواج هو ذلك المولود القادم بعد حين، و عندما يصبح حقيقة و يؤثث بيت الزوجية بضحكاته حينا و صراخه و شغبه أحيانا أخرى تتقاذف التهم بين هذا و ذاك، دون التفكير بهدوء للوصول إلى نتيجة مفصلية هي كيف أربي أبنائي؟

إمساك العصا من الوسط

تعتبر السنوات الأولى من حياة الطفل أساسية لتكوين شخصية متوازنة نفسيا، و على الآباء و الأمهات أن يهتموا بأطفالهم منذ الولادة، باعتماد تربية تتأسس على نظام مسطر يجب الالتزام به. و من الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الأزواج هي تدخل كل فرد منفرد في تربية الطفل، بل يجب أن تكون التربية مشتركة بين الأم والأب، وأن يمسكا معا العصا من الوسط، كما نقول في التعبير الدارج، أي ألا نكون صارمين في تربيتهم ولا لينين أو مرنين معهم، لأن الطفل يملك من الذكاء ما يجعله يستغل الفرص لصالحه. وجب على جميع الآباء التحاور مع أبنائهم والتعبير لهم عن حبهم، لأن الحب والحنان أمرين أساسيين في تكوين شخصية الطفل.

 و من جهة أخرى نجد أن تربية الأبناء تقوم أساسا على التغذية الصحية، (لأنه مهم جدا بناء هيكل الطفل بطريقة صحية وسليمة) وعلى الراحة النفسية والجسدية، أي منذ السنوات الأولى للطفل عليه أن ينعم بساعات كافية من النوم، أن نعلمه الانضباط وضبط السلوك. وأن نمد جسر الثقة بيننا وبين أبنائنا، لأن هذا سيسهل عملية التربية وبناء شخصية الطفل، أن نشاركه فرحه من خلال اللعب معه في أوقات معينة، سواء داخل البيت أو في المكان المخصص للعب، كما نشاركه أحزانه وقلقه، هكذا سنكون على علم بما يخالجه أو حتى بما يفكر فيه، ونستطيع التدخل في الوقت المناسب لحمايته من أي خطر خارجي.

إن للآباء دور مثالي في تربية الأبناء، لنأخذ مثالا عن الأم التي لا تشعر بالرضا عن حياتها أو عن وضعها داخل المجتمع، تعيش عادة في كآبة وتشتت نفسي، فتنقل مباشرة هذه الأحاسيس إلى أبنائها بطريقة غير مباشرة، مما يجعلهم يبدون بنفس سلوك آبائهم؛ انهزاميين ومكتئبين وعدوانيين وغيرها من الصفات التي تورث عن الآباء. 

وصفة سحرية لتربية الأبناء

غالبا ما يفشل الوالدان في تحقيق علاقة تواصلية مع الأبناء، لأنهم لا يمتلكون الآليات التربوية ولا النفسية، خصوصا وأن الأطفال في مراحل سابقة من حياتهم يحتاجون إلى نوع من الدفء العائلي والسعادة الحقيقية لا المفتعلة من قبل بعض الآباء لاستمالة قلوب الأبناء، لأنهم في سن مبكرة يعمدون فقط إلى المحاكاة على شاكلة الببغاوات، ما يراه أو يسمعه يردده دونما أخذ العناء في التفكير فيه، وهذا الأمر سيضع العلاقة بين الآباء والأبناء في محك التجربة، إذ أن الأطفال بمثابة عجين يقبل بالتغيير في أي لحظة دون سابق إنذار، و يتماهي مع القوى الخارجية المؤثرة فيه، يتأثر بها ويتفاعل معها. ومع هذه التأثيرات الممارسة عليه من قبل الآباء تجعله ينصاع ويفكر في خلق تقارب صداقاتي يبغي من ورائه تشكيل صحبة تفيده في تشكيل شخصيته المستقبلية، وهذا ما أوصى به ديننا الحنيف، حيث ركز على مفهوم الصحبة، لأن مصاحبة الأبناء في سن مبكرة يمنح لهذه العلاقة نوعا من الثقة، وهذا المؤشر المعتمد أي «الثقة» بإمكانه أن يزعزع هذه العلاقة إن تجاوزت الخطوط الحمراء المسموح بها، حيث تفسح المجال أمام هذا الآخر لبناء معالم شخصيته، ويبدأ في الإيمان بالتحرر والاستقلال، معلنا شعارات تطالب بهذه الاستقلالية، لأنه تمكن من التشبع بمناعة تؤهله لخوض غمار عالم جديد «الشارع»، هذا الدخيل سيدفعه للانفتاح على محيطه، لكن بقيود ومعايير جديدة ترغمه على التعامل معه بشكل آخر، يكون معه الطفل في غالب الأحيان ضحية، لأن المناعة التي تلقاها داخل محيطه الأم بدأت تتلاشى بشكل مرحلي في واقع سوقي ونابي لا يعرف الطفل فيه قواعد اللعبة التي يمارسها الآخرون، فيضعف وينصاع للمؤثرات الخارجية، فيعيش انفصاما داخليا، إما أنه سينجح في إعادة الأمور إلى نصابها، وإما أنه سيكرس بشكل من الأشكال واقع المؤلم الذي أرهقته سلوكيات لا أخلاقية.

 هذه الاهتزازات التي وعيها الطفل منذ ولادته إلى مراهقته، إما أنها تؤهله لبناء أسس متينة تصمد لعوادي الزمن ويواجه كل الدرجات الحياتية، وإما أنه سيستسلم لواقع مرير كان أحد أطرافه فشل أولياء أموره في بناء شخصيته، فيكون لبنة من اللبنات الهشة التي ستكرس ضعفا أكبر واهتزازا أقوى. وعليه فمن أولى الأولويات أن يمكن أولياء الأمور من الوصفة السحرية التي تمنح العلاقة الحقة، والمتمثلة في الصحبة الجيدة التي أوصى بها خير الأنام.

 

تعليقات