(تغيرت).. لافتة شكوى يحملها كثير من الأزواج سرا أو جهارا، و هم يقصدون
تلك الفتاة الأنيقة التي تزوجوها، ثم اختفت لتحل محلها أخرى غير مهتمة
بمظهرها. فلماذا ينطفيء وهج المرأة بعد الزواج؟ و ما موقف الأزواج و
الزوجات من هذا التغير؟
نعم تتغير بشهادة معظم الناس. كما أن الرجل نفسه يتغير لكن يبدو أن
تغير المرأة في الغالب، هو الذي يثير الأزمات في البيوت. فالزمن
ومســــؤولــيــات الحياة، يلعبان دورا كبيرا في تغيرها، فتتبدل ميولها
وأهواؤها، وتتغير علاقتها بزوجها، لكن أهم أنواع التغير التي تزعج الزوج
بصفة خاصة ذاك الذي يتعلق بالشكل. إذ إنه كثيراً ما يستخدمه كحجة لتبرير زواجه
بأخرى. لكن لماذا تذهب رياح الزواج باهتمام الزوجة بشكلها ومظهرها ؟ وهل
مسؤوليات البيت ومتاعبه اليومية ورعاية الأطفال تكفي لأن تشكل مبررا
لإهمالها نفسها؟ وهل يا ترى يتفهم الأزواج الأسباب التي قادتها إلى عدم
الاهتمام بوزنها وزينتها وجمالها ؟
عادة منسية
يؤكد بعض الازواج أن المرأة العربية تهمل نفسها كثيراً بعد الزواج،
لافتين إلى أنَّ «الكثير من النساء، يعتقدن أن مرحلة الخطبة فقط هي فترة
التجمل والتزين، اما بعد ذلك، فتنسى المرأة هذه العادة وتغفل أن للزوج
احتياجا دائما لهذا الأمر». وعلى الرغم من تفهم هؤلاء الرجال لمسؤوليات الزوجة وتقديرهم لأدوارها الجديدة إلا أنهم يُشدِّدون على حق الزوج في أن يعود للبيت ويجد
زوجة جميلة ومُرتَّبة في انتظاره». ليس مطلوبا من الزوجة أن تقضي كل
يومها أمام المرآة لتتزين فهناك لمسات جمالية يمكن أن تتم في وقت وجيز
فيمكنها على الأقل أن تستقبل زوجها وهي تلبس فستانا جذابا.
أما رجال أخرون، فيقولون إن هناك مفهوما عامًا لدى بعض الفتيات وهو
ضرورة الاهتمام بزينتهن قبل الزواج لاصطياد العريس، لكنهنَّ بعد أن يحصلن
عليه، يعتقدن أنهنَّ لم يعدن في حاجة إلى ذلك لأنهنَّ امتلكنه، وهذا ما
يؤدي مع مرور الأيام إلى نفور أزواجهن، واختلاقهم الأسباب لابتعادهم
عنهنَّ. بيد أنهم يعود ون ويعترفون بمنطقية الأسباب التي تقود الزوجة أحيانا
إلى إهمال نفسها ويقولون: «المرأة بطبيعتها مضحية، وهي في سبيل اهتمامها
ببيتها وأطفالها تضع نفسها ومظهرها وقوامها في آخر القائمة».
ما هو رأي الزوجة في ذلك؟
أما بعض النساء، فتؤكدن أنَّ الوقت الذي كانت الفتاة تخصصه
للزينة والعناية بالمظهر قبل الزواج، تلتهمه مسؤولياتها الجديدة المتمثلة
في البيت والأطفال. وترى هؤلاء النسوة أن ليس من العدل أن تؤدي المرأة بعد الزواج
مهام مثل الطبخ ورعاية البيت والأولاد، إضافة إلى شؤون أخرى، مثل التسوق
والسهر على راحة الزوج، وبعد كل هذا تطالب بأن تكون تلك «السندريلا» التي
خطبها الزوج قبل سنوات، التي لا تقع على عاتقها أي من المسؤوليات سابقة
الذكر.
وتستغرب زوجات أخريات أن تدان المرأة وحدها على تغير يطال الطرفين.
ويقلن: «بعد الزواج، يبدأ الاثنان الرجل والمرأة تكوين شخصية جديدة تتفق مع
الوضع الجديد. وهذه الشخصية تكون أكثر اهتماما بالكل وليس بالذات.
فالمطلوب من الزوج أن يعتبر أن تغير المرأة في شكلها مرحلة طبيعية». يضفن:
«مع مضي كل عام بعد الزواج تزداد المسؤولية، وتجد المرأة نفسها مضطرة إلى
أن تعيد ترتيب اهتماماتها لمصلحة البيت والأولاد وعملها، إذا كانت موظفة ثم
يأتي مظهرها وزينتها أخيراً».
ثورة جمالية... شهادة خبراء التجميل
عندما
يكون هناك اتهام باهمال المرأة نفسها بعد الزواج، لا يوجد أصدق من شهادة
خبيرة التجميل. و من خلال خبرتها التي تبلغ 5 سنوات في هذا المجال، تتحدث
كريمة عما تصفه بـ«الثورة الجمالية التي بدأت تجتاح العالم العربي
حيث بدأ كثير من المفاهيم يتغير ومن ضمنها المفهوم الشائع عن إهمال المرأة
مظهرها بعد الزواج . وتقول يبدو أن جيل الزوجات، اللواتي يهملن مظهرهن بعد
الزواج في طريقه إلى الانقراض، إذ إن هناك زيادة مطردة في عدد الزوجات
الباحثات عن طرق عملية للحفاظ على المظهر، تتناسب وظروف المرأة بعد الزواج.
وتقول: يتردد علي كثير من النساء المتزوجات، وعددهنَّ يُقارب عدد العازبات
المترددات لطلب المشورة في المسائل الجمالية إن لم يكن نفسه... تضيف كريمة: إنَّ «المرأة العصرية باتت لديها ثقافة مُقدرة حول طرق العناية
بالمظهر كما أصبحت هناك طرق كثيرة يمكن أن تُطبقها الزوجة إذا كانت مشغولة
داخل بيتها، بالتالي فإن عدم وجود وقت لم يعد مبررا لها لإهمال زينتها.
فهذه الطرق تمكنها من الاهتمام بمظهرها وتحسين شكلها والحفاظ على أناقتها
حتى من دون الرجوع إلى خبراء التجميل، أو قضاء فترات طويلة داخل الصالونات
ومحلات العناية لافتة الانتباه إلى أن لكل سن خصوصيتها، فقبل الزواج تطرق
معظم الفتيات أبواب خبيرات التجميل بحثا عن مستحضرات الزينة والتبرج. أما
بعد الزواج والولادة، فتأتي النساء للبحث عن حلول علاجية، خاصة بعد مراحل
الحمل والولادة، حيث يصاب بعض النساء بمشكلات في البشرة مثل الكلف والنمش
وغيرهما أما النساء الناضجات فيقصدن خبيرة التجميل بحثا عن مستحضرات لترطيب
البشرة ومكافحة عوامل التقدم في السن.
الإهمال العاطفي...كارثة تهدد عش الزوجية
والظاهر
أن حالة الانشغال، ليست هي وحدها التي تحول بين تصالح المرأة المتزوجة مع
أدوات الزينة والتجميل، لكن هناك حالة أخرى تؤدي إلى النتائج نفسها، يتسبب
فيها الزوج. إذ يبدو أن الرجل الذي تكلم بلسانه نزار قباني في قصيدته "قولي
أحبك كي تزيد وسامتي"، ليس الوحيد الذي يحتاج إلى مثل هذه العبارة فالمرأة
أيضاً تحتاج إليها من زوجها حتى تشعر بجمالها، وتحفزها إلى العناية بنفسها.
هذا ما تؤكده الدكتورة شاملة العبيدي (أستاذة علم النفس في جامعة عجمان)،
التي تشير إلى أن أعباء البيت الملقاة على عاتق الزوجة، والمهام الخارجية،
إذا كانت امرأة عاملة، والفتور العاطفي، من أهم العوامل التي تقود الزوجة
إلى إهمال زينتها ومظهرها بعد الزواج، إضافة إلى العقلية العربية التي
تركّز على عوامل معينة، لا تُقدِّم المظهر كعامل أول لجذب الرجل بعد
الزواج».
وتحمل الدكتورة العبيدي الزوج دوراً
رئيسياً في هذه المشكلة، لافتة إلى أن إهماله الجوانب العاطفية وعدم
اهتمامه بزوجته، خلال أيام الزواج الأولى، يدفعانها إلى نسيان نفسها وسط
زحمة مسؤولياتها الجديدة» تضيف: «عندما تجد أنه لا يمدح جَمَالها وحُسن
مظهرها ومحاولاتها الدائمة للتجمل، فإن هذا يصيبها بنوع من الإحباط ويجعلها
تشعر بمشاعر سلبية ومن ثم تهمل نفسها. وتشير الدكتورة العبيدي إلى بعض
المفاهيم الاجتماعية التي تقود الزوجة إلى أن تعيش ك "كومبارس" في غرفة
النوم، أو تتحول إلى بطلة في المطبخ، ومنها المثل العربي الذي يقول: إن
أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته، لافتة إلى أن «هذا ما جعل المرأة تدخل
المطبخ وتهتم فقط بإطعام الزوج وملء معدته للوصول إلى قلبه بالتالي تشعر
بأن لا حاجة إليها لجذبه بأناقتها ورشاقتها مادامت هناك عوامل جذب أخرى.
والحل في نظر الدكتورة العبيدي يكون بإشعال جذوة الحب بين الزوجين وضرورة
ثناء الزوج على جَمال زوجته وشكلها». وهي بذلك تؤكد أن هذا الأمر يشجعها
ويحفزها للعودة إلى الاهتمام بنفسها، كما أن هناك عوامل مساعدة أخرى تجعل
المرأة تعود إلى سابق عهدها بالزينة وذلك بمساعدة الزوج لها في المهام
المنزلية خاصة إذا كانت امرأة عاملة، وهذا ربما يعطيها الوقت للاهتمام
بنفسها ومظهرها».

